الناس الذين يتحركون بطرق مختلفة أمام مسألة الالتزام بالفكر الحق ، سلبا أو إيجابا ، ليحدّد الإنسان موقعه الفكري والعملي في عملية إيحاء ذاتي يتلمّس فيها قضايا الحق ليختزنها في داخل كيانه ، فيرفعها إلى ربه مبتهلا إليه بأن لا يجعله من السائرين في الطريق التي تؤدي إلى غضبه ، ولا يتركه مع السائرين في متاهات الضلال في الطريق التي لا يملك فيها الملامح التي تؤدي به إلى النتائج الحاسمة في المصير ، بل يجعله من الذين عاشوا نعمة السير في الطريق المستقيم في ألطاف الهداية الإلهية.
وهذا ما يدفعه إلى البحث الدائم عن الواقع الذي يحيط به ، ليميّز بين الطريق المستقيم والطريق المنحرف ، وليتعرف كيف يسير الناس من حوله ، مما يجعل عنده ثقافة متحركة على صعيد أفكار الناس وأوضاعهم ، لأن الذي لا يعرف الخط المنحرف ، أو الخط الضائع ، لا يستطيع أن يعرف الخط المستقيم.
* * *
من هم المغضوب عليهم والضالون؟
ورد في بعض الروايات ، أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصارى. ولكن ذلك لا يحصر مداليل السورة في هذين النموذجين من الناس ، لأن ذلك قد يكون على نحو المثال ، كما هي طريقة القرآن في مواقع النزول للآيات ، في ما تتحدث عنه روايات أسباب النزول. وقد ورد أنّ القرآن يجري مجرى الشمس والقمر ، فلا يتحدد في المنطقة التي ينزل فيها ، ولا في الشخص الذي ترد فيه.
وربما كان ذكر اليهود ، كمثال للمغضوب عليهم ، ناشئا من الصورة