وفي هذا الحديث إشارة إلى الأجواء التي تمثلها السورة في علاقة العبد بربه ، وعطف الرب على عبده ، وحركة الآيات في وعي الإنسان ـ في ذلك كله ـ أنه يعيش مع الله في كل آفاقه المنفتحة على الدنيا والآخرة ، وفي كل مواقع حركة الناس في خط الاستقامة أو في خط الانحراف ، ليكون الرزق من الله ، ولتكون الهداية منه ، فيشعر بالنعمة المادية في حياته الجسدية ، وبالنعمة المعنوية في حياته العقلية والروحية.
وبذلك كانت سورة الفاتحة أمّ الكتاب ، ونقطة الوعي ، ومفتاح العقيدة في كل مواقع الإنسان في الحياة. وهذا هو الذي جعلها أساسا لكل صلاة حتى جاء أنه « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ».
* * *
دور الصلاة
وهذا ما جعل من الصلاة الإسلامية أسلوبا عقليا من أساليب التثقيف الفكري فيما هي العقيدة ، وأسلوبا روحيا من أساليب التربية الروحية فيما هو الإيمان ، وحركة منفتحة على الله فيما هي مشاعر التوحيد في العبادة ، وحركة الحاجات في الحياة ، حتى يشعر الإنسان بارتباطه بالله من موقع حاجاته ، كما هو مرتبط به من موقع إيمانه ووجوده. وهذا ما جعل من الصلاة عمودا للدين ، باعتبار أن مضمونها الفكري ، في القراءة والذكر والركوع والسجود ، يمثل نهجا للتربية الفكرية والروحية والعملية في الحياة.
* * *