ثالثا : التأكيد على المسلمين رفض موالاة اليهود بالمعنى الروحي والسياسي ، واعتبار ذلك بمثابة ارتداد عملي عن الإسلام يوحي بتراخي الالتزام العقيدي الداخلي للمسلمين ، بما من شأنه أن يؤسس لتمكين اليهود من إسقاطه في الواقع. ثم التركيز على تحذيرهم من الاتصاف بصفاتهم كما في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) [البقرة : ٨٣ ـ ٨٤].
* * *
القضايا المثارة مع اليهود غيرها المثارة مع المشركين
وقد ينبغي لنا أن نلفت النظر إلى الفارق في طبيعة الحوار وأهميته ، بين حوار الإسلام مع اليهود وحوارة مع المشركين ، فقد لا نجد في تفاصيل القضايا المثارة مع اليهود ما يتناسب والقضايا المثارة مع المشركين.
* * *
الشرك ليس فكرا دينيا
ولعل الفارق في ذلك ، هو أنّ الإسلام لا يعتبر المشركين قوة دينية ، لأن الشرك ليس فكرا دينيا ، بل هو ضد المنهج التوحيدي للدين ، فليس هناك أية قواسم مشتركة بين الإسلام والشرك حول المفاهيم العامة عن الكون والحياة ، وحول القيم التاريخية المنطلقة من خلال الرسالات ، أو تلك الحاضرة