ما معنى الخزي الدنيوي؟
ثم يعقّب الله على ذلك (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، لأن هذا الواقع سيؤدي ـ حتما ـ إلى اختلال الأسس العامة التي ترتكز عليها بناء المجتمع ، فإذا أصيب بالتحلل والانهيار وضعف عن الامتداد والتماسك ، وقع تحت سيطرة المجتمعات الأخرى ، حيث يعاني في ذلك الخزي والهوان ، فيسقطون تحت تأثير مفاهيمها الكافرة أو الضالة ، ويندمجون في الاستغراق في خطوطها الفكرية والعملية ، فلا يؤمنون بالجهاد لأنه يؤدي إلى تعقيد علاقاتهم بها ، ولا يدعون إلى تحكيم الله في برامجه وشريعته في الحياة ، ولا يعملون على صنع القوة ، فيفقدون الإحساس بوجودهم الحي المتحرك الفاعل الذي يتحول ـ تدريجيا ـ إلى هامش من هوامش وجود الآخرين.
أما في الآخرة ، فإنهم سيردون إلى أشدّ العذاب ، لأن سلوكهم يمثل التمرد والطغيان على إرادة الله ، وهو ما يعني الاستهانة به ـ تعالى ـ والانحراف عن خط العبودية له.
ويختم الفصل بإعطاء القاعدة العامة التي تحكم مثل هذه النماذج ، فهم الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ، فلم يعتبروا الآخرة شيئا كبيرا في حياتهم ليواجهوا مسئوليتهم من خلالها ، وأخلدوا إلى الأرض وارتبطوا بمقاييسها ومفاهيمها من اللذة والطمع والبغي والعدوان ... وهكذا ، فإنهم لا يواجهون إلا العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.
* * *