الباقي بالفاني ، ورضوا بالعرض المحدود الزائل من المال والجاه واللذات الصغيرة ، بدلا من النعم الكبيرة الواسعة الخالدة والرضوان الإلهي العظيم ... (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) لأنهم أصروا على العناد والاستكبار على الحق ، (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) لأن الآخرة ليست فرصة الذين ينتصرون لأنفسهم من عذاب الله بعلاقاتهم البشرية الدنيوية ، لأنه اليوم الذي لا تملك فيه نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله.
* * *
من وحي الآيات
وكخلاصة ، فإننا نستوحي مما تقدم ، ما فيه فائدة لواقعنا العملي حاضرا ومستقبلا ، جملة أمور أبرزها التالي :
١ ـ إن لكل شريعة من الشرائع خطة متماسكة ، تحكم ربط أحكامها وتوزيع مواقعها ، فلا تجزئة ولا انفصال ، بل هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة يكمّل بعضها بعضا ، مما يجعل الالتزام الكلي بها أساسا لتحقيق الغاية التي أرادها الله منها ، ولعلنا نستوحي ذلك من الحديث المأثور عن النبي صلىاللهعليهوآله : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا» (١) ، والحديث الآخر المرويّ في نهج البلاغة : «كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء ، حبّذا نوم الأكياس وإفطارهم ...» (٢). فإننا نستفيد منهما أن قيمة الطاعة
__________________
(١) البحار ، م : ٢٨ ، ج : ٧٩ ، باب : ١ ، ص : ٥٧٣.
(٢) نهج البلاغة والمعجم المفهرس لألفاظه ، دار التعارف للمطبوعات ، ط : ١ ، ١٤١٠ ه / ١٩٩٠ م ، قصار الحكم / ١٤٥ ، ص : ٣٧٤.