الذي يرهب من سطوته وعقابه. وقد قدم المفعول هنا لإفادة الحصر كما في قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٥].
* * *
لا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا
(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) آمنوا بما أنزلت على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في رسالته وفي قرآنه ، الذي يصدق ما معكم من التوراة ، لأن الأنبياء لا يأتون ليكذّبوا من قبلهم ، بل ليصدّقوه وليكملوا ما نقص بفعل تقدم الحياة وتطورها وحاجتها إلى الأشياء الجديدة. (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، لأن الكفر به لا ينسجم مع معرفتكم بصحة دعوته ورسالته ، من خلال البراهين التي تملكونها في ما بين أيديكم من الدلائل والبراهين.
وقد يسأل سائل : كيف يقول الله سبحانه : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، مع أنهم ليسوا أول الكفرة به ، لأن مشركي قريش قد سبقوهم إلى الكفر والإنكار؟
والجواب : إن من الممكن ورود هذا التعبير على سبيل المبالغة لتأكيد ضرورة الإيمان بالقرآن قبل الآخرين ، وربما كان الأساس في ذلك ، أن المشركين لا يملكون القوة الفكرية المؤثرة في المجال العملي للدعوة الإسلامية ، بالمستوى الذي يملكه الكتابيون من التأثير ، مما يجعل لهم أهمية بالغة بالنسبة إلى غيرهم ، حتى أن كفر غيرهم ممّن سبقهم إلى الكفر بمنزلة العدم لقلة أهميته.
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) ، الشراء هنا بمعنى البيع ، كقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) [البقرة : ٢٠٧] (وَلا تَشْتَرُوا) وذلك بأن لا تتركوا الآيات الحقة في مقابل ما تحصلون