هل الصلاة عبء ثقيل؟!
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ). لعل المراد أنها ثقيلة على الناس الذين لا يعيشون روح الخشوع لله والخضوع لربوبيته ، لأن صلاتهم تتحول إلى عبء ثقيل لا يدركون معناه ولا يرتفعون إلى آفاقه ، بل يمارسونها ـ لو مارسوها ـ كواجب جامد وضريبة مفروضة عليهم. أمّا الخاشعون الذين تخشع قلوبهم لذكر الله ، وتتلذذ به ، وترتاح إليه ، فإنهم يقبلون عليها بكل ما في قلوبهم من حب وطمأنينة وانفتاح ، وبكل ما في نفوسهم من التطلعات الروحية التي يحملونها إلى الله سبحانه في أمر دنياهم وآخرتهم ، وبكل ما في ضمائرهم من شعور بالمسؤولية أمام الله في ما يفكرون به ويقومون به من عمل ، وذلك عند ما يعيشون الإيمان باليوم الآخر في عمق الإحساس بالعقيدة وروعة الإيمان بقضية المصير ، فيتمثل ذلك في انضباطهم العملي ، لأنهم (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ).
والحديث عن لقاء الله لا يراد منه اللقاء الحسّي المادي ، لأن الله لا يتجسد كما تتجسّد المخلوقات بالأشكال المادية ، بل هو كناية عن يوم القيامة الذي يلتقي الناس فيه بالله ، في حسابه وثوابه أو عقابه ، باعتبار أنه اليوم الذي لا مظهر فيه لسلطة أحد ولو بالشكل ، إلا لله ، كما قال سبحانه : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩] ، فكأنّ الإنسان يلتقي بالله هناك من خلال تمثل وجوده تعالى ، من خلال الإحساس ، على نحو أقوى بقدرته المطلقة.
وقد يبرز أمامنا سؤال عن السرّ في استبدال كلمة اليقين المناسبة للمقام ، باعتبار أنها تمثل وضوح الرؤية لدى الإنسان ، فتزيد من تقواه ، بكلمة «الظن»؟
والجواب : إن من الممكن إيراد الإيحاء بأن قضية الاستعداد للآخرة