لتربط بين الله وبين عباده على أساس الفكرة التي تقول : إننا لا نقف في المستوى الذي يؤهلنا للاتصال بالله مباشرة لبعدنا عن ساحة قربه وقدسه ، فنحاول أن نتوسط لذلك بالاتصال بهم مباشرة ليصلونا بالله في نهاية المطاف.
إننا نتحفظ حول هذه الفكرة من موقع الأسلوب القرآني الذي يخاطب الناس بشكل مباشر ، ويدعوهم إلى الاتصال بالله من دون وساطة أحد ، كما في الآيات التي توحي للإنسان بأن الله قريب إلى الناس ، وأنه أقرب إليهم من حبل الوريد ، كما في قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة : ١٨٦]. وقوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦].
أمّا الأحاديث التي تتحدث عن الأنبياء أو الأوصياء بأنهم وسطاء بين الله وبين خلقه ، فالظاهر أن المقصود بها الوساطة في حمل الرسالة وتبليغها إليهم من الله لا الوساطة في الاتصال به.
* * *
هل هناك علاقة بين طلب الشفاعة والشرك؟
إن قضية طلب الشفاعة لا تستدعي الكثير من الجهد والجدل الفكري الذي أثاره بعض علماء المسلمين ، إذ اعتبروها ذات علاقة بموضوع صفاء العقيدة التوحيدية ، لأنها ترتبط بالفكرة التي كانت تحكم المشركين في علاقتهم بالأصنام ، حيث برّروا ذلك بقولهم في ما حدثنا الله عنهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
أمّا تعليقنا على ذلك ، فهو أن القضية ليست قضية عبادة موجهة إلى الأنبياء أو الأولياء ، بل تنطلق من موقع تكريم الله لهم بإظهار مكانتهم لديه.