ضرورة استحضار الله في كل شيء
ويمكن لنا أن نستوحي هذه النعمة في كل موقف يقفه أفراد أيّ شعب من الشعوب تحت سلطة الحكم الظالم الذي يقهرهم ، ويضطهدهم ، ويقتل الأبرياء من أبنائهم ، ويستغل خيراتهم وثمراتهم ، ويكبت حرياتهم ، ويعطل طاقاتهم عن الحركة والانطلاق ، وذلك عند ما يرتفع عنهم هذا الكابوس الثقيل بما يصنعه الله لهم من الظروف والأوضاع والوسائل الداخلية والخارجية ، فلا بد لهم من الوقوف أمام ذلك موقف المؤمن الواعي الشاكر لنعمة الله ، عند ما يلتفت ـ بعمق ـ إلى ألطاف الله وآلائه ، في تيسير ذلك كله بشكل مباشر ، فيواجهون الحياة من موقع إرادة الله الأصيلة العميقة في الأشياء ، لا من موقع الأسباب الظاهرية فقط ، لأن ذلك ما يربطهم بالله دائما من خلال الوعي الأعمق والفهم الأرحب ، فلا يتصورون شيئا إلا ويرون الله معه ، ولا يواجهون شيئا إلا ويرون الله خلفه.
* * *
إغراق آل فرعون وإنجاء بني إسرائيل
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
هذه هي النعمة الثانية التي أنعمها الله عليهم ، وذلك في صورة المعجزة ، فقد خرج موسى ببني إسرائيل ليخلصهم من طغيان فرعون ، بعد أن أعيته الوسائل الطبيعية التي حاول من خلالها إقناع فرعون بالسماح لهم بالخروج معه ، حتى إذا عرف فرعون بذلك ، لحقهم بجنوده ليمنعهم من