الطبيعية التي أودعها في الكون ، فلا يغيّر سننه الطبيعية إلا لأمر عظيم.
* * *
عفو الله عن بني إسرائيل بعد عبادتهم العجل
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ* ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
هذه هي الحادثة الثالثة التي واجه الله بها بني إسرائيل في مجال تعداد ممارساتهم السيئة أمام نعمه عليهم ، فقد أراد لهم أن يبدءوا حياة جديدة في ظل شريعة شاملة تنظم لهم حياتهم ، وترعى لهم شؤونهم وعلاقاتهم ، وتفتح لهم أبواب الحياة الواسعة على أساس من الحكمة والمصلحة. وفي هذا الجو ، استدعى الله موسى لميقاته لينزل عليه التوراة في مدى أربعين ليلة ؛ وهنا كانت المفارقة ـ المفاجأة ، فلم يكد موسى يغيب عنهم حتى نسوا الرسالة والرسول ، ونسوا الله سبحانه ، فعبدوا العجل في قصة طويلة سيذكرها القرآن أكثر من مرة ، ولم ينفتحوا على الآفاق الواسعة التي أراد الله لهم أن ينفتحوا عليها ، لينطلقوا إلى العالم كحملة للرسالة الشاملة ، فيكون لهم المركز الكبير في ظل هذه الرسالة.
ولكن الله لم يعاملهم بظلمهم ، بل عفا عنهم ليفسح لهم المجال للتراجع ولتصحيح الفكر والمسيرة ، ليهيئ لهم الجو الروحي والنفسي الذي يعينهم على الرجوع إليه والشكر له على نعمائه من ناحية عملية.
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ليتلقى الوحي الإلهي الذي فيه الهدى للناس في كل قضاياهم العامة ، في مسئولياتهم اتجاه أنفسهم ، واتجاه الناس من