الهداية إلى الحق ؛ الأمر الذي يوحي بأن الاهتداء إلى الطريق القويم نعمة عظيمة كبيرة ، وأيّ نعمة أعظم من النعمة التي تفتح للإنسان مجالات الحياة السعيدة الرخيّة المرتكزة على قاعدة ثابتة من المبادئ الحقة والقيم الكبيرة ، وتسيّره نحو المصير الآمن الذي لا يخاف فيه شيئا ، وتجعله يسير في النور عند ما يفكر وعند ما يعمل أو يتعاون مع الآخرين.
والظاهر أن كلمة الفرقان ، التي تعبّر عن الفارق بين الحق والباطل ، تعتبر تفسيرا لكلمة الكتاب ، على سبيل العطف التفسيري الذي يراد به توضيح الصفة العلمية للكتاب.
(وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) الذي يفصل بين الحق والباطل في مفاهيمه وشرائعه ومناهجه ، بحيث يحقق لكم الثقافة الواعية التي تعرف حدود الأشياء في سلبياتها وإيجابياتها. (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) بآياته في إيحاءاتها وأفكارها وخطوطها الواضحة للمسيرة الإنسانية في الحياة.
* * *
التركيز على الجانب المعنوي في الرسالات
ونستوحي من هذه الآية أنّ على الدعاة أن يركزوا على طبيعة النعم التي أنعم بها الله على الإنسان ، فلا يقتصرون على النعم الحسية التي يمارس الإنسان من خلالها شهواته ولذّاته ومطامحه الذاتية ، بل يثيرون أمامه النعم التي تتصل بفكره وخطواته العملية ومصيره في الدنيا والآخرة ، في ما يتصل بقضايا الحق والباطل من القيم الروحية والإنسانية الكبرى ، التي ترتفع بمستوى