الإنسان الروحي والاجتماعي. وسنجد في الآيات القرآنية المقبلة كثيرا من هذه اللفتات التي تركز على الجانب المعنوي في النعم المعنوية ، كما تؤكد الجانب المادي في النعم المادية ، ممّا يدخل في طبيعة تكوين الشخصية الإسلامية التي يمتزج فيها الجانب الروحي بالمادي من دون ازدواجية أو انفصال.
ولعل القيمة في هذا التوجيه التربوي ، هي أنه يمنح الإنسان المسلم شعورا بالغبطة والسعادة أمام الصعوبات والتحديات التي تواجهه في مسيرته نحو إقرار شريعة الله في الحياة ، باعتبار أنها لا تعني شيئا أمام نعمة الله في التشريع المرتكز على أساس الحق والعدل في جميع جوانب الحياة المادية والروحية ، ويخلّصه من كثير من سلبيات الطريق الصعبة.
* * *
خطورة التمرد والموقف الحاسم
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
لم يترك موسى القصة من دون عقاب ، لأن القضية ليست قضية طارئة بسيطة ، بل هي من القضايا التي تهدد المسيرة في مجتمعها الذي يمكن أن يتلاعب به أي إنسان منحرف بفعل بعض الأساليب الشيطانية الخادعة ، مما يجعل الجبهة مفتوحة أمام كل القوى المضادة في أيّ موقف من مواقف الصراع ؛ فأراد أن يثبّت الموقف بتعميق الإحساس بالذنب في نفوسهم ، باعتباره ظلما للنفس وإساءة لها بتحويلها من خط الإيمان إلى خط الكفر ،