وللتطهير ، أمّا موضوع الرحمة ، فقد تكون متصلة بقبوله التوبة وعدم إغلاق وسائلها بوجه الإنسان.
* * *
محاورة موسى لقومه حول سلوكهم المنحرف
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) وهو يحاورهم حول السلبيات السلوكية الصادرة منهم في انحرافهم العملي ، ليثير فيهم الشعور بعقدة الذنب الذي قد يؤدّي بهم إلى القيام بعملية التصحيح والعودة إلى خط الاستقامة في خط الرسالة في الفكر والعمل (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) وورطتموها في السير بها إلى مواقع الهلاك الأخروي ، وذلك بحركة التمرد على الخط التوحيدي في العبادة لله (بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) معبودا بعد أن بيّنت لكم الأسس العقيدية التي يرتكز عليها التوحيد في الالتزامات العملية المتحركة في دائرة الالتزام الفكري في توحيد الله ، وذلك بإخلاص العبادة لله وعدم الإشراك به في هذا المجال. (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) أي خالقكم الذي يملك كل وجودكم ، الذي هو سر النعمة الكبرى في إنسانيتكم ، مما يفرض عليكم العودة إليه بعد الرحلة الضالة في الابتعاد عنه ، فذلك هو الأمر الطبيعي الذي تفرضه طبيعة الأشياء التي تقتضي عودة الإنسان إلى مبدع وجوده ، ليحصل على رحمته ويمتد معه في نعمته ، وليعبر بذلك عن شكره وانقياده له ، ولا سيما أن الأمر بالتوبة ليس أمرا شخصيا من موسى ، بل هو من خلال صفة الرسالة التي تجعل أمره أمرا صادرا من الله. وفي التعبير بكلمة : «بارئكم» إشارة إلى عمق الموضوع ، للإيحاء بالمعنى الذي يوحي للإنسان بضرورة الانضباط في خط التوبة. (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) كعقوبة حاسمة للواقع الشركي الذي ابتعدتم فيه كثيرا عن الخط