التي أودعها الله في حركة الواقع الطبيعي في نظام الكون.
* * *
استسقاء موسى لقومه
وطلب موسى الماء لقومه ، ولم يكن هناك أثر للماء ، وضاق بهم العطش ، وتعرضوا للهلاك ، فدعا ربّه أن يسقيهم ، واستجاب الله لطلبه بمعجزة ، وأمره أن يضرب بعصاه الحجر ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، بعدد أسباط بني إسرائيل ، حتى لا يختلفوا أو يزدحموا على الماء ، فاتّجه كل سبط إلى العين المخصصة له ، وقيل لهم : لا تسعوا في الأرض فسادا ، فإن ذلك هو الشكر العملي للنعمة التي أفاضها الله عليكم ، ولكنهم لا يشكرون.
(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) في مسيرة التيه ، وأرادوا منه أن يسقيهم الماء في الوقت الذي لم تكن هناك أية بوادر توحي بوجود الماء في المناطق المحيطة بهم ، لأنهم شاهدوا في تجربتهم معه أنه يملك الموقع المميّز عند الله بالدرجة التي يستطيع أن يطلب فيها من ربه الحصول على ما يريده في مهمته الرسالية العامة بطريقة غيبية على أساس المعجزة ، كما حدث في عبورهم البحر ونحوه ، وهكذا أرادوا له أن يحقق لهم ما يريدونه بمعجزة ، واستجاب الله نداءه ودعاءه ، (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) أي حجر كان ، فليس المراد به حجرا معينا ، وهذا ما يؤكد المعجزة ، باعتبار أن القضية ليست تحديد مكان معين يوجد فيه الماء دون مكان آخر ، بل هي خلق الماء من العدم ؛ (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) لكل جماعة منهم عين معينة في عملية توزيع عادلة تمنع النزاع والاختلاف ، وكانوا ـ كما يقال ـ اثني عشر سبطا وهم ذرية أبناء يعقوب الاثني عشر. (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) من خلال التحديد الذي حدده لهم موسى في قضية توزيع الحصص فيما بينهم. (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ