رِزْقِ اللهِ) مما رزقكم الله من غير جهد وعناء ، واشكروا الله على ذلك في إصلاح أمركم في الإيمان والقول والفعل ، لتوظفوا نعم الله الكثيرة في هذا وفي غيره في ما يرضاه الله من إصلاح البلاد والعباد ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، لأن الله لا يريد للإنسان أن يحرك طاقاته في الفساد والإفساد في كل مجالات الحياة.
* * *
ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل
وبدأ الملل يتسرب إليهم ، فلم يستريحوا إلى هذه الألطاف التي أغدقها الله عليهم في ما يأكلون ويشربون ، فاشتاقوا إلى طعامهم المفضل الذي كانوا يأكلونه في مصر ، وفقدوا الصبر على هذه الحياة الهنيئة الرخيّة ، واعترض عليهم موسى بأن الحياة التي يعيشونها أفضل من الحياة التي فقدوها ، لأنها الحياة التي ترتاح في الأجواء الروحية الخالصة ، فكيف يستبدلون الذي هو أقل بالذي هو أفضل؟!. واستجيب لهم طلبهم وقيل لهم : (اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) فيها من طعام وشراب. وفقدوا القاعدة التي ترتكز عليها الحياة العزيزة الكريمة ، وهي الإيمان بالله والسير على هداه ، وفضلوا الأشياء المادية الصغيرة على ذلك كله ، واستسلموا لشهواتهم والملذات ، وقادهم ذلك إلى الخضوع للقوى التي تملك سبيل الشهوات والملذات ، فباعوا أنفسهم وحياتهم للطغاة والمستبدين ، فأذلوهم وقهروهم (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) ، وذلك هو سبيل كل المجتمعات التي تعيش لشهواتها وأطماعها ، فتستسلم لكل القوى التي تؤمّن لها ذلك ، ولو على حساب كرامتها وعزتها ومبادئها ، ويمتد بها هذا السلوك ، حتى تنحرف عن خط الله المستقيم ، فترجع بغضب الله وسخطه ، لأن ذلك يؤدي بها إلى الكفر بآيات الله عنادا وضلالا ، وإلى الوقوف ضد رسالاته ورسله ، كما فعل بنو إسرائيل الذين كانوا