باختصار ، إن الخطة كانت تتلخص في أن الرسالة لا تفقد جمهورها لتجعله يشعر بأنها لا تضطهده حتى في حالة تمرّده ، ولهذا أعطته المجالات الرحبة للالتقاء بخط الإيمان فكرا وروحا وحياة.
* * *
تركيز القرآن على بني إسرائيل لتبيين انحرافهم
٥ ـ لماذا ركز القرآن كثيرا على بني إسرائيل ، بحيث شغل جوّ القرآن كله بهم ، حتى نشعر بأننا نلتقي بهم في كل سورة؟
والجواب : إننا نشعر بأن صراع الإسلام مع التحريف في الرسالات السماوية المتقدمة ومع جمهورها المنحرف ، ليس صراعا بسيطا ، بل كان يمثل الصراع حول المفاهيم الأساسية لخط الإيمان العريض ، وللتفاصيل التي تتحرك في هذا الخط ، وكان ـ إلى جانب ذلك ـ يعتبر في موقع الخطورة الكبرى عند ما يواجه رسالة الله التي يؤمن بها ويصدّق بأنبيائها ، وعلى ضوء هذا ، كان لا بد له من أن يعطي كل الفكرة عن هذا الجمهور الضال ، باعتباره القوة الأولى التي تهدد حركته ، ويعطي الفكرة من خلال ذلك للأفكار الصحيحة السليمة التي طرأ عليها الانحراف ، ولذلك لم تكن القضية قضية الاهتمام بهذا الشعب من خلال ما يملك من قيمة ومنزلة ، بل هي قضية الاهتمام بتاريخ الرسالات السماوية في جمهورها المنحرف والمستقيم ، وفي أفكارها المحرّفة والخاطئة ، باعتبار أن الإسلام يمثل الامتداد الحيّ لهذه الرسالات ، مما يجعل لحركتها وتاريخها ومفاهيمها تأثيرا كبيرا على حركة الإسلام في حاضره ومستقبله.