(الَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ)
المعنى في هذه الآية واضح ، فهي تؤكد أن النجاح في الآخرة تناله كل هذه الفئات الدينية المختلفة في تفكيرها وتصورها الديني للعقيدة والحياة ، بشرط واحد وهو التقاؤها على قاعدة الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.
وقد تعترضنا مسألة وهي : أن هذا الاتجاه المذكور في الآية يعني التنازل عن الإسلام ، وهو الرسالة التي جاء بها النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالمعنى المصطلح ، كشرط للنجاة في الآخرة وللحصول على رضى الله ، لأنها تؤكّد بقاء الصفة المميزة لكل فريق كمنطلق للعمل ما دام الشرط حاصلا.
* * *
هل الآية منسوخة؟
حاول بعض المفسرين الإجابة عن ذلك باعتبار أن الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) آل عمران : ٨٥].
ولكننا نتحفّظ على هذا الجواب ، لأن مدلول هذه الآية لا يتنافى مع مدلول تلك حتى نفرض نسخ الثانية للأولى ، لأن الظاهر إرادة الإسلام بمعناه العام الشامل للرسالات السماوية في الآية الثانية ، لا الإسلام بمعناه المصطلح كما يلوح ذلك من صدرها (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ١٩] ،