(فَارْهَبُونِ) : الرهبة : الخوف ، وتقابلها الرغبة.
(فَاتَّقُونِ) : التقوى في تعارف الشرع : حفظ النفس عما يؤثم ، وذلك بترك المحظور.
(وَلا تَلْبِسُوا) : لا تخلطوا.
* * *
في أجواء هذا الفصل
هذا فصل جديد من فصول السورة ، يخاطب به الله سبحانه بني إسرائيل الذين وقفوا أمام الرسالة والرسول ، ليعطلوا المسيرة ويشوّهوا الصورة ويخلقوا البلبلة والارتباك في الذهنية المسلمة ، من أجل أن يزلزلوا عقيدة المسلمين ويهزّوا قناعاتهم. وفي هذا الجو ، يدخل القرآن في قضية الصراع الفكري مع اليهود من أهل الكتاب ، الذين كانوا يمثّلون القوّة الكبيرة في المنطقة التي انطلق فيها الإسلام ، وكان لهم من خلال ذلك التأثير الكبير على المجتمع ، باعتبار أنهم القوة الدينية المرتبطة بالكتاب ، الحاملة للرسالات.
وقد كان اهتمام الإسلام بالحوار معهم لتحقيق هدفين :
الأول : بيان الأسس التي تجمع بين الإسلام وبين غيره من الديانات ، للانطلاق من ذلك إلى إقامة الحجة على اليهود ، من خلال القواعد والقضايا المشتركة المسلّمة لديهم ، مما يفسح المجال لارتكاز الحوار على أسس واضحة وعملية ، ويوفّر المناخ الملائم له. هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، لتصحيح الانحرافات الطارئة التي أدخلها اليهود في الكتاب مما لم ينزل به وحي الله.