أكثر المفسرين عليه من غير ضرورة تدعو إليه» (١).
(فَجَعَلْناها) هذه الجماعة الممسوخة ، أو العقوبة ، أو القرية التي اعتدى أهلها فيها ، (نَكالاً) أي عقوبة للتذكرة والعبرة ، (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) أي للقرى المحيطة بها من خلال ما يستفيده أهلها من رؤيتهم لهؤلاء الذين كانوا بشرا فتحولوا إلى قردة كنتيجة لتمردهم على الله ، وللناس الذين يأتون من بعدها أو للمناطق التي تبتعد عنها. (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) الذين يخافون الله فيعتبرون بما يحدث للمذنبين من العذاب الدنيوي ، فيدفعهم ذلك إلى الانضباط في الخط المستقيم.
* * *
وقفة تأمل مع هذه الآيات
ويستوقف نظرنا في هذه الآيات عدة أمور :
الأول : إن إنزال الكتاب على أيّة أمّة من الأمم يعتبر إلزاما لها به من قبل الله كميثاق بينه وبين عباده ، فيطالبهم بالالتزام به والوفاء بمضمونه ، كأيّ عهد شخصي يلزم به الإنسان نفسه تجاه الآخرين. أما عظمة هذا الميثاق ، فهي أنه لا يختص بحالة دون أخرى ، بل يشمل كل حياة الإنسان في كل منطلقاتها وتطلعاتها ، لأن الكتاب ينظّم حياته الفكرية والعملية بمفاهيمه وتشريعاته ، ولهذا يعتبر الإخلال بأيّ حكم من الأحكام إخلالا بالميثاق ، وربما يرشد إلى ذلك تعقيبه بذكر حادثة الاعتداء على ميثاق الله في قصة السبت.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢٦٤.