صورة الشجاعة في زيد بشكل أقوى ... أمّا هؤلاء ، فإن قلوبهم أقسى من الحجارة ، (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) فينتشر منها الخصب والجمال في كل مكان ... (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) أي الينابيع الصغيرة ، التي تسقي من حولها وما حولها ... (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) ، وهي تعبير عن انفعال هذه الحجارة التي تتساقط بفعل العوامل الطبيعية ، بالخضوع التكويني لإرادة الله في إطار العظمة الكونية الخاضعة له ، نظير التعبير بالطاعة في السماء والأرض ، والسجود والتسبيح في سائر المخلوقات الحيّة والجامدة ... هذه هي قصة الحجارة التي تبدو قاسية في ملامحها ، صلبة في تكوينها. أمّا هؤلاء ، فإن قلوبهم لا تنفتح للرحمة ولا للعطاء ، فهم يقتلون الأنبياء بغير حق ، ويبخلون بأموالهم وعلومهم وقواهم على المستضعفين ، ولا يعيشون الخشوع الروحي الذي تستسلم فيه القلوب والأرواح والعقول لله استسلام الخاشعين.
ولعل هذه المرحلة هي مرحلة قتل الأنبياء وتكذيبهم واضطهادهم ، وتحويل تاريخهم الديني إلى واجهة لاستغلال المستضعفين باسم الدين ، وهو ما يحدثنا القرآن عنه في ما نستقبل من حديث.
(وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) في انحرافكم العملي عن خط الاستقامة ، وفي تمردكم على الرسالة والرسول ، وفي وحشيتكم القاسية في قتل الأنبياء بغير حق.
* * *
التاريخ في خطى الحاضر
وقد نستوحي من هذه الصورة القاتمة القاسية لهؤلاء ، أن علينا أن نتطلع