الدين ، كأصل عقيدة البعث في الحياة الأخرى ، فهناك من ينكرها من المسلمين حتى اليوم ممن يعتقد كون النفس غير مجردة عن المادة وأن الإنسان يبطل وجوده بالموت وانحلال التركيب ، ثم يبعثه الله إلى القضاء يوم القيامة.
* * *
مناقشة الاتجاهين
ولكننا نرى أن الآية ليست في سياق التركيز على طبيعة الحياة لننطلق في الاتجاه الذي ذهب إليه هؤلاء المفسرون ، بل هي واردة في سياق تفريغ النفس من الشعور بالوحشة القاتلة أمام ظلام الموت ، ليملأها الشعور بالحياة الذي يحشد الوجدان بالفرح والرضى والاطمئنان ، في أسلوب قرآني يجدد للإنسان طاقته على الصبر والامتداد.
وقد نجد من المناسب أن نناقش التفسير الأول للحياة ، بأن اعتبار الذكر حياة لا يتناسب مع طبيعة معنى الحياة الذي يقهر الشعور بالموت في نفس الإنسان ، بل هو نوع من أنواع الخيال الروحي الذي يتخذ صفة الإيحاء للنفس بامتداد الاسم الذي يحمله الإنسان في قافلة الأسماء التي يتداولها الناس ، مما قد يدفع الإنسان إلى بعض الأعمال التي تشارك في ذلك ، ولكنه لا يستطيع أن يزيل مرارة الموت من النفس ووحشة الإحساس بالعدم ، بل كل ما هناك أنه يمثل أسلوبا من أساليب الهروب من قسوة هذه الحقيقة لدى الغافلين عن الإيمان بالله واليوم الآخر في عملية تعويضية.
وإننا لا نجد في التراث التشريعي الإسلامي مثل هذا التأكيد على الاهتمام بامتداد الذكر للإنسان في ما بعد الموت ، إلا بالمقدار الذي يكون العمل الذي يمتد به الإنسان مفيدا ونافعا للبشرية بالمستوى الذي يعتبر امتدادا