وقد لا يتناسب هذا التفسير مع كلمة (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) لأن قضية الذكر الجميل هي مما يلتفت إليه الناس ويعرفونه ويحسبون حسابه في كثير من أعمالهم كما أشرنا إليه ، كما أنه لا يتناسب مع آية سورة آل عمران ، التي تتحدث عن الحياة الحقيقية في ما بعد الموت.
أمّا التفسير الآخر الذي يربط الحياة بالحياة البرزخية ، فقد لا نجده منسجما مع سياق الآية التي في سورة آل عمران ، لأنها تتحدث عن نوع الحياة التي وعد الله بها عباده المؤمنين في الجنة في الدار الآخرة ، في مقابل الحياة الدنيا التي يعيشون فيها الآن ، وإذا فرضنا أن القضية ليست بهذه المثابة ، فلا نتصور ظهورا للآية في ما ذكره ، لأنه انطلق في ذلك من استبعاد إرادة الحياة الآخرة من كلمة «الحياة» ، لأن الخطاب للمؤمنين الذين يؤمنون بها ولا يتصور فيهم غفلتهم عنها .. وقد ذكرنا أن القضية ليست قضية عقيدة مضادة ، بل القضية هي الشعور الداخلي المضاد الذي يراد تحويله إلى شعور آخر منفتح ، والله العالم.
* * *
الآية وتجرد النفس
وقد ذكر صاحب تفسير الميزان ، أن الآية تدل على «تجرّد النفس ، بمعنى كونها أمرا وراء البدن وحكمها غير حكم البدن وسائر التركيبات الجسمية ، لها نحو اتحاد بالبدن تدبرها بالشعور والإرادة وسائر الصفات الإدراكية» (١).
ولكننا لا نتفق معه في هذا الاستدلال ، لأن الآية لا تزيد على تقرير مبدأ
__________________
(١) الكافي ، ج : ٧ ، ص : ٥٦ ، رواية : ٣.