الحياة للشهداء في ما بعد الموت ، ولكنها لا تدل على أن الحياة هل تبقى للنفس فلا تموت بموت البدن ، أم أنها تبعث من جديد في بدن مماثل أو مغاير للبدن السابق في ما بعد الموت ، بل ليس هناك إلا الإشارة البعيدة التي لا تثبت حقيقة العقيدة وأصالتها ، فلا بد لنا من البحث عن ذلك في آيات أخرى أو براهين عقلية في ما ليس مجال بحثه الآن ، فليطلب في مظانه من التفسير في مواضع أخرى من القرآن أو من كتب علم الكلام والفلسفة ، لأننا لسنا في مقام البحث في تجرد النفس من الناحية الفكرية ، بل في مقام بيان عدم دلالة الآية على ذلك من خلال المفردات التعبيرية الخاصة.
* * *
البلاء مدرسة وامتحان
ويتصاعد الجوّ وتتحدّد الأوضاع القلقة التي تحكم حياة الإنسان ومسيرته ، فتبعث فيها الاهتزاز في المشاعر والمواقف ، والارتباك في الخطى والخطط العملية ، ويطرح القرآن للإنسان المشكلة التي تتحداه في قوّة إنسانيته وصلابتها ، ويشير إلى الموقف الذي يخلق الجو الملائم للحلّ في نطاق من الروح الإيمانية التي لا تنسى الله في المواقف الحرجة والتحديات الصعبة ، بل تعيش حضوره المهيمن العميق في فكرها ووجدانها وتطلعاتها للحياة ، لتلتقي به ـ من خلال هذا الجو الروحي ـ فتجد لديه الصلوات الإلهية التي تغدق الرحمة والمغفرة والرضوان على الإنسان الذي يعرف الهدى في طريقه ويسير عليه ..
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) أي نختبركم في حجم الإرادة التي تملكونها وصلابتها أمام المخاوف والأهوال لتعيشوا التجربة الصعبة التي ينجح فيها الأقوياء في عزيمتهم وإرادتهم وإيمانهم ، ويفشل فيها الضعفاء الذين لا يملكون عناصر