للتحدي من القوى المضادة ، فإن من الطبيعي أن يتحرك الآخرون ليدمروا وليقتلوا وليضغطوا ويحرقوا الأخضر واليابس انتقاما وثأرا وحقدا ، ولكن خطوات الحقد والثأر والانتقام ليست طويلة ، بل هي قصيرة جدا ، لأنها تعبّر عن ردّات انفعالية حماسية لا تلبث أن تتبخّر في الهواء ، فلا بدّ من الصبر الذي يدفع المؤمنين إلى المقاومة والتحمّل والثبات من أجل أن يصلوا إلى نهاية المطاف ، ليصعدوا إلى القمة عند ما تتهاوى دعوات الباطل على أقدام السفوح.
* * *
البلاء ونسبته إلى الله
وقد يتساءل البعض : هل البلاء الذي يتحدث الله عنه في هذه الآية وغيرها فينسبه إلى نفسه ويعتبره اختبارا وامتحانا لإيمانهم وثباتهم على الخط ، هو من صنع الله بشكل مباشر بحيث إن الله يوجهه إلينا من دون أن تكون هناك ظروف موضوعية تقتضيه ، أم القضية هي أن يكون امتحانا تماما كما هي الأعمال التي يكلف بها الناس في فترات التدريب والامتحان؟
وقد نستطيع الجواب عنه ، بالقول إنّ الحياة في كل ما يحدث فيها ، من أرباح وخسائر وأفراح وآلام ، مشدودة إلى إرادة الله وقضائه وقدره من خلال الأسباب والقوانين الطبيعية التي أودعها الله في الكون ، فلكل عمل من الأعمال التي يقوم بها الإنسان في هذه الحياة نتائج سلبية أو إيجابية على مستوى حياته الفردية أو الاجتماعية ، سواء في ذلك جانب الممارسات الذاتية أو العلاقات الخاصة والعامة ، فلا بد للإنسان من أن يتألم إذا عاش في الظروف التي تفرز مثل هذه الآلام ، ولا بد له من أن يجوع إذا تحركت الأسباب التي تنشر المجاعة في الكون ، ولا بدّ له من أن يخاف إذا عاشت الحياة أجواء