الخوف ... فليست النتائج معزولة عن مقدماتها ، بل هي وليدة تلك المقدمات.
* * *
ما معنى البلاء في الأوضاع الطبيعة؟
وهنا يثور سؤال : إذا ما معنى أن يكون مثل ذلك ابتلاء بعد أن كان أمرا طبيعيا تماما كما هي مظاهر الطبيعة الكونية الموجودة في الحياة؟
والجواب عن ذلك : إن القضية ، كل القضية ، هي في موقف الإنسان أمام هذه الظروف الطبيعية التي تفرزها حركة المبادئ والرسالات في الحياة ، فذلك هو سرّ البلاء في حياته. فهل يتجاوز المرحلة التي تتحرك فيها الآلام والخسائر والمخاوف بأعصاب هادئة ومواقف ثابتة بعيدا عن كل اهتزاز وانحراف ، أم يسقط صريعا أمام ذلك كله لتسقط معه رسالته ومبادئه كنتيجة لاهتزاز نقاط الضعف في كيانه وانسجامها مع قوى الانحراف والتحدي المضاد؟ إن الواقع بأسبابه الطبيعية يعتبر امتحانا واقعيا للإنسان ، تمتحن به إرادته ورسالته. وقد نستوحي من كلمة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) ـ في ما تعطيه كلمة البلاء من معنى ـ أنّ الموقف يحمل للإنسان قيمة التجربة في تركيز شخصيته وتقوية إرادته ، في ما يثيره لديه من مشاعر القوّة في داخله من خلال الإيحاء له بما يحمله الامتحان له من نتائج على مستوى الدنيا والآخرة ، ولا سيّما إذا لاحظنا أن طبيعة هذا الامتحان ليست شكلية يمكن للإنسان أن يقوم فيها بدور تقليدي ساذج من دون وعي أو روح ، بل هي طبيعة حقيقية أساسية تقتحم كل حياته الداخلية والخارجية لتحوّلها إلى ما يشبه حالة الطوارئ في ما تثيره من نقاط الضعف والقوة ، وفي ما تخلقه من عوامل الإثارة والتحدي ، وبذلك