تتحول نتائج الامتحان من عملية اكتشاف للقدرات الذاتية إلى عملية تنمية هذه القدرات وتقويتها في خطة عملية لصنع الإنسان.
* * *
الصابرون وعلاقتهم بالحقيقة الإيمانية
وتنطلق الآيات لتثير أمام الصابرين الذين لا تهتز مواقفهم أمام التحديات ، البشارة من الله من دون أن تدخل في تفاصيل البشارة في البداية ، إمعانا في الإبهام الذي يثير المشاعر في عملية انفتاح على ألوان متنوعة من ألطاف الله ورضوانه ، ثم تحدّد لنا بعض ملامح الصابرين لتربط الصبر بالوعي للعقيدة والإيمان بالله ، فلا يخضع لضغط الأمر الواقع في عملية استسلام للمصائب من دون رضى واقتناع ، بل يرتفع في إيمانه ليثير في نفسه الحقيقة الإيمانية الكونية التي تربط الخلق كله بالله ، فالخلق كله ملك الله ، والإنسان هو بعض من هذا الخلق الذي يملكه الله ، مما يجعلنا نحس أننا لا نملك من أمرنا شيئا ، لأن الملك كله لله ، فله الحقّ كل الحق في أن يبتلي خلقه بما يشاء ، وعليهم أن يشعروا أن في ذلك كله المصلحة كل المصلحة والخير كل الخير ، لأنه الحكيم الرحيم الذي يدبّر أمر عباده بالحكمة والرحمة ..
ثم يثير في نفوس هؤلاء الصابرين بعد ذلك الحقيقة الكونية الإيمانية الأخرى ، وهي أن العباد سيرجعون إلى الله وستنتهي الحياة كلها ليعود الملك إليه ـ تعالى ـ من دون أن يملك الإنسان أي نوع من أنواع القدرة على مواجهة هذا المصير .. فإذا كان الإنسان ملكا لله فما معنى الاعتراض؟ وإذا كانت الحياة ستنتهي بكل آلامها إلى الله ليلتقي الإنسان برضوانه وثوابه ، فما معنى السقوط والجزع؟ لا بد من الصبر والرضى والقناعة بقضاء الله ليلتقي الإنسان