ما قيل ـ الانعطاف إلى العبد بالرأفة وذلك بالمغفرة والرعاية له ، والتفريج لكربته وقضاء حاجاته ، وشفاء مرضه ، مما يدخل في الحنو والتعطف الصادر من الله الذي يوحي بالشمول الرعائي للعبد بكل ما يخفف عنه قلقه وحزنه ليمنحه الطمأنينة الروحية في الدنيا والآخرة. وقد ورد الحديث عن صلاة الله وملائكته على عباده في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [الأحزاب : ٤٣] وفي هذا دلالة على أن الصلاة تفتح حياة الإنسان المؤمن على النور بعد أن تحاصره الظلمات لينقذه منها برأفته وعطفه وحنانه ورحمته ، وهي العطية الإلهية المطلقة ، والموهبة العامة الربانية التي انطلقت من ذات الله وصفاته العليا ، فأعطت الإنسان ـ كما أعطت الكون ـ وجوده ، وأفاضت عليه بالنعم ، وفتحت له أبواب الهداية ، ووجهته إلى الأخذ بأسباب السعادة للحصول على رضوان الله ونعيمه في جنته ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) الذين اكتشفوا طريق الحق وساروا فيه ، وتحمّلوا كل مصاعبه وآلامه ، وتقرّبوا إلى الله في ذلك كله ليصلوا إلى مواقع القرب عنده ، ومواطن الرضى لديه ، وذلك هو الهدى كل الهدى الذي لا يضل سالكه ولا يخيب المنطلق إليه.
* * *
ومما نستوحيه من هذه الآيات :
القيم الأخلاقية قوة روحية
١ ـ إن القرآن يعتبر القيم التي يؤمن بها الإنسان ، لونا من ألوان القوة الروحية التي يمكن للإنسان أن يستثيرها ويستعين بها عند ما تثور أمامه نوازع الضعف ... وبذلك يوجّه الإنسان إلى أن يدرس كل خصائصه الروحية