الأصنام كانت منصوبة عليهما كما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام. حيث روى عنه بعض أصحابه قال : «سألته عن السعي بين الصفا والمروة فريضة هي أم سنّة؟ قال : فريضة. قلت : أليس الله يقول : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)؟ قال : كان ذلك في عمرة القضاء وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام فتشاغل رجل من أصحابه حتى أعيدت الأصنام. قال : فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أي : والأصنام عليها» (١).
وجاء في حديث آخر يرويه صاحب الكافي عن الإمام الصادق عليهالسلام أن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ)» (٢).
وفي الدرّ المنثور عن عامر الشعبي قال : «كان وثن بالصفا يدعى إساف ووثن بالمروة يدعى نائلة ، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين ، فلما قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا : يا رسول الله ، إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين ، وليس الطواف بهما من الشعائر! فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) الآية. فذكّر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه ، وأنّثت المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مؤنّثا»(٣).
وهكذا نجد أن القضية تتصل باعتبار هذه الفريضة بعيدة عن خط الإيمان ، لأنها امتداد لأجواء الشرك والأصنام ، فجاءت هذه الآية لتضع
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٣٨٤.
(٢) الكافي ، ج : ٤ ، ص : ٢٤٥ ، رواية : ٤.
(٣) السيوطي ، عبد الرحمن جلال الدين ، الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج ، ١ ، ص : ٣٨٥.