عهد الله الذي يجعله للصالحين من عباده المنسجمين مع خط العدل في أنفسهم من أجل أن يقوم الناس بالقسط ، فلا ينال عهده الظالمين الذين يظلمون من فوقهم بالمعصية ، ومن دونهم بالغلبة ، ويظاهرون القوم الظلمة ، كما جاء في نهج البلاغة عن الإمام علي عليهالسلام في الكلمات القصار : للظالم من الرجال ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، ومن دونه بالغلبة ، ويظاهر القوم الظلمة» (١) ، ويظلمون أنفسهم في ذلك كله ، وهكذا كان الجواب دستورا عمليا لكل رسالة ورسول.
* * *
بين الابتلاء والتكريم
وتستوقفنا في التفاصيل التفسيرية للآية نقاط عدة ..
١ ـ إن الابتلاء في كل ما أمر الله به عباده أو نهاهم عنه ـ ومنه ابتلاء الله لإبراهيم ـ لا يراد منه الاختبار من أجل المعرفة ، لأن الله عالم بكل ما سيقع من عباده ، فلا يحتاج إلى أية وسيلة للمعرفة ، بل المراد منه إظهار ذلك ليكون حجّة عليهم في ما لله من حجة ، وتكريما لهم في ما يريد الله لهم من إظهار التكريم.
٢ ـ اختلف المفسرون ، تبعا لاختلاف الروايات ، في معنى الكلمات التي أبقاها القرآن غامضة ، وقد جاء في بعض الأحاديث عن أحد أئمة أهل البيت ، وهو الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : «أنه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولده إسماعيل ـ أبي العرب ـ فأتمها إبراهيم وعزم عليها ، وسلّم لأمر
__________________
(١) ابن أبي طالب ، الأمام علي عليهالسلام ، نهج البلاغة ، ضبط نصّه ، الدكتور صبحي الصالح ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٢ ، ١٩٨٢ م ، ص : ٥٣٦ ، حكمة : ٣٥٠.