وقد يثير البعض ، في الجانب الفقهي من الآية ، أنها تتحدث عن التطوّع الذي يعني الإتيان بالعمل من خلال الحوافز النفسية من دون أن يكون هناك إلزام قانوني ، فلا ينسجم مع اعتباره فريضة ، ولذا ذهب بعض فقهاء المسلمين إلى استحبابه وعدم وجوبه. ولكننا نعتقد أن هذه الكلمة لا تفيد المعنى الذي يقابل الإلزام ، بل المعنى الذي يقابل الإكراه والإلجاء والضغط الخارجي ، فيكون معناها العمل المأتي به طواعية واختيارا كنتيجة للشعور بالمسؤولية الناتجة عن الواجب إن كان هناك وجوب ، أو عن المستحب إن كان هناك استحباب ، فلا تدل على نفي الوجوب ، كما لا تدل على تأكيد الاستحباب ، والله العالم بأسرار أحكامه وآياته.
* * *
الصفا والمروة من شعائر الله
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) وهما الجبلان الصغيران الواقعان في الضلع الشرقي للمسجد الحرام في الجهة التي يقع فيها الحجر الأسود ومقام إبراهيم (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) التي أراد الله للمؤمنين أن يتعبدوا فيها ، فجعلها من مواضع نسكه وطاعته ، ومن أعلام متعبداته التي يعيش فيها المؤمنون الأجواء التي تنفتح بهم على الله في مواسم عبادته (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ) قاصدا أداء الفريضة الشرعية ذات المناسك المخصوصة ، (أَوِ اعْتَمَرَ) أي أتى بالعمرة بالطريقة المعروفة في الشرع ، (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) بأن يأتي إلى الصفا تارة وإلى المروة أخرى في عملية دوران بينهما ، فلا إثم عليه في ذلك من خلال وجود الصنمين عليهما ، في عهد نزول الآية ـ كما يقال ـ مما تركه المشركون هناك ولم يرفعوه عن المكان ، أو في أي زمان آخر من خلال التاريخ الوثني في