(تابُوا) : التوبة : هي الندم الذي يقع موقع التنصل من الشيء ، وذلك بالتحسر على مواقعته ، والعزم على ترك معاودته إن أمكنت المعاودة.
(وَأَصْلَحُوا) : إصلاح العمل : هو إخلاصه من قبيح ما يشوبه.
(وَبَيَّنُوا) : التبيين : هو التعريض للعلم الذي يمكن به صحة التمييز.
* * *
الحقيقة أمانة الله لدى العلماء
ربما يكون المقصود بهؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله ، أهل الكتاب أو اليهود منهم خاصة ، كما في بعض الأحاديث المأثورة أو التفاسير المتنوعة ، كما عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأكثر أهل العلم. ولكن الآية لا تتجمد عند النماذج التي نزلت فيهم أو انطلقت منهم ، لأن أسباب النزول تعتبر منطلقا للفكرة من خلال النموذج الحيّ في عصر نزول الآية ، لتتحرك الفكرة من خلال الواقع الذي يقتحم على الناس حياتهم في نطاق المشكلة الحية البارزة. وفي ضوء ذلك ، نقرّر أن الآية واردة لتقرير المبدأ العام الشامل لكل الناس الذين يملكون المعرفة بحقائق الأشياء ، وآفاق البيّنات ، وسبل الهدى ، في ما بيّنه الله للناس في كتابه ، سواء كان من الكتب الأولى التي أنزلت على إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم ، أو كان المراد به الكتاب الأخير الذي هو القرآن ، فإن الإنسان الذي يملك المعرفة يحمل مسئوليتها أمام الله بأن يبينها للناس إذا طلبوها منه ، أو إذا غفلوا عنها فلم يلتفتوا إليها ، فلا يجوز له أن يخفيها عنهم أو يكتمها ، لأن في ذلك إخفاء للحقيقة ، وكتمانا للرسالة ، مما يوجب وقوع الناس في الضلال أو انحرافهم عن خط الحق وضياعهم في متاهات الجهل والحيرة. وهذا مخالف للسنّة الإلهية التي درجت على إرسال الأنبياء ، وإنزال الكتب ، ليفتحوا عيون الناس وقلوبهم على الحقيقة ،