الفردية التي تتصل بحياة الإنسان كفرد ، بل هي من القضايا العامة التي تبني المجتمع أو تهدمه ، مما يجعل من الاستهانة بها دليلا على الاستهانة بالحياة العامة للناس. وفي هذا النطاق ، نجد الكافرين بالله يحملون في شخصيتهم الكفر بالنعمة إلى جانب الكفر بالله ، ويعيشون اللامبالاة بقضايا الحياة من خلال طبيعة اللامبالاة التي يواجهون بها قضايا الإيمان.
ومن هذا المنطلق ، كانت هذه الآية نذيرا للذين يكفرون ولا يتراجعون عن خط الكفر بل يموتون وهم كفار ، بأنهم يواجهون اللعنة من الله والملائكة والناس أجمعين ، جزاء لما يتضمنه الكفر من الإساءة إلى قداسة الله وقيمة الحياة والإنسان. ولا تكتفي الآية الثانية بهذا المقدار من الجزاء الذي تضمنته الآية الأولى ، بل تؤكد خلودهم في النار حيث يلاقون العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم منه شيء ، ولا يمكن أن يعطوا مهلة يقدّمون فيها الاعتذار ، لأن عظمة الجريمة لا تسمح بذلك.
* * *
كفر الجحود لا حجة له يركن إليها
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) من دون حجة على كفرهم ، لأن الكفر المتمثل بالجحود والتكذيب لا يملك أيّة حجة علمية أو عقلية ، فليس هناك أيّ أساس للنفي الفكري للألوهية أو للرسول ، بل كل ما هناك مما قد يحصل لبعض الناس ، الشك الذي يمنع الإنسان من أن يدين بدين الحق لعدم تبينه له وثبوته عنده ، فيكون حاله حال الذين لا يجحدون بالحق ولا يؤمنون به.
وفي ضوء ذلك ، كان الكفر المعاند دليلا على إرادة العناد والتمرّد والمواجهة للحق ، وهكذا يكون المراد بالكافرين المكذبين المعاندين الذين