السماء والأرض فإن لها أكثر من سرّ ومنفعة في النظام العام للحياة.
وهكذا نجد أن في هذه الظواهر الكونية (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) من خلال ما يدركه العقل من دلالتها على الله ، فكأن الآية تريد أن تقول لنا : إن بإمكانكم اكتشاف الله في ما تشاهدونه من آياته التي لو فكرتم بها بما أوتيتم من عقل لوصلتم إلى النتيجة الحاسمة وهي الإيمان بالله.
إن التفكير بالله والوصول إليه لا يكلفكم جهدا في السفر والتنقيب في الأرض أو النزول إلى أعماق البحار ، أو الصعود إلى آفاق الفضاء ، بل يكفيكم التعامل مع حياتكم اليومية ، لتفكروا في ما يمر أو يحيط بكم ، لتكتشفوا الله الذي يطلّ عليكم من خلال ذلك ، بحكمته ورحمته وعظمته ، حيث يقودكم الفكر العميق إلى أن الصدفة لا يمكن أن تصنع نظاما ، وأن القوّة العمياء الجامدة لا يمكن أن تخلق عقلا ورؤية وامتدادا ، وأن الموت الراقد في أعماق العدم لا يفجر الحياة ، بل لا بد من العقل المنظّم القادر الحكيم الذي يبعث ذلك كله في قدرته التي لا يعجزها شيء مهما كان عظيما.
* * *
الأسلوب التربوي للدعوة في الآية
٢ ـ إننا نستطيع أن نأخذ من الآية أسلوبا عمليا في التربية ، وخلاصته أن ينطلق الدعاة إلى الله في دعوة الناس إلى التفكير من خلال حياتهم العامة في كل تفاصيلها اليومية لجعلهم يفكرون به في كل نعمة يعيشونها ، أو ظاهرة يشاهدونها ، أو قانون طبيعي أو حياتي يلمسونه في حياتهم ، فذلك هو السبيل الأمثل للوصول إلى قناعاتهم الفكرية والروحية بواقعية وعمق وصفاء ، بعيدا عن كل الحذلقات الفلسفية المعقدة ، لأن الإنسان يحب أن يتعامل مع الأشياء