الخلق ، التي تضع فكر الإنسان في قوالب جاهزة من الفكر العلمي في أسلوب يعتمد على التلقين الجامد الذي لا يحرك الفكر إلا بمقدار ما يطوف بالفكرة المطروحة ، بل كل ما نجده في الغالب من آياته ، أنه يدعو إلى التفكير والتدبر والتأمل واستثارة الطاقات الحسيّة والعقلية من أجل أن تسير في ضمن الاتجاه السليم الذي يصنع للمعرفة ظروفها الطبيعية ، وآفاقها الواسعة ، ووسائلها الصحيحة ، لتفود الإنسان إلى تحصيل الحقائق التفضيلية للحياة بنفسه ، في ضمن أفكار متعددة ، ونظريات متنوعة ، تتحفز للصراع في مجال البحث ، لتكون النتيجة للفكرة التي تملك الحجة الأقوى.
وبهذا استطاع الإسلام أن يبني للإنسان فكره على أساس من الاستقلال والحرية ، والثقة بقدرته على الإبداع والاكتشاف والامتداد ، فأوحى له أن المساحات التي يمكنه التحرك فيها لا تنحصر في حدود ضيقة ، بل تتسع لكل جوانب الحياة في ظواهرها الكونية والإنسانية والحياتية ، وليس عليه إلّا أن يعرف كيف يسير على المنهج الإسلامي المتكامل الذي لا يطرح أمام الإنسان إلّا شعار التفكير الذي يعيش مسئولية المعرفة بالتزام وإيمان.
* * *
هل نشأت الأديان من جهل الإنسان؟
٤ ـ إن بعض الناس من الباحثين في تاريخ نشأة الأديان ، يحاولون أن يرجعوا بتاريخها إلى بدايات وجود الإنسان ، ويعودوا بأسبابها إلى الجهل بقانون السببية في الكون الذي يرجع كل ظاهرة إلى أسبابها الطبيعية ، مما دعا الإنسان الأول إلى أن يخترع في وهمه ، وجود قوى غير منظورة خارج