بين الإيمان بوجود الله والاكتشافات العلمية
ومن خلال هذا العرض الواسع ، نستطيع التعرف على خطأ الفكرة التي تربط الإيمان بجهل الإنسان بالأسس الطبيعية ، التي يرتكز عليها نظام الكون ، ليكون الإلحاد منطلقا من وعي الكائن للطبيعة ، ونصل إلى النتيجة الصحيحة ، وهي أن القضية ليست قضية خوف يجعل الإنسان يتعلق بأي شيء ، ولكنها قضية فكر يحاول أن يواجه الظواهر والمشاكل والقضايا بالفكر الذي يتساءل ويفتش عن جواب للسؤال حتى يصل إلى السؤال الذي لا يحتاج إلى سؤال مثله. ولهذا نذهب إلى أنّ قضية الإيمان لا تنفصل عن السببية المودعة في الكون وعن تطور العلم وتقدمه ، بل إننا نرى في كل اكتشاف علمي جديد دليلا جديدا على وجود الله ، لأن العلم لا يكتشف شيئا إلا ليكتشف وراءه حكمة ونظاما وقانونا يتصل بالظواهر الأخرى للكون ، ويوحي لنا بوحدته التي نكتشف من خلالها حكمة الخالق ووحدته ، لأنها ، وإن اختلفت في مظاهرها وأشكالها ، إلا أنها تتحد في قوانينها الأساسية التي تحكم الكون كله ، وهذا ما تثيره أمامنا هذه الآيات الكريمة لتخطط لنا المنهج التأمّلي للعقيدة والإيمان ، كما توحي به الآية الكريمة في قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : ٥٣].
جاء في تفسير الكاشف : «إن في السماء من النجوم ما يفوق على حبات الرمل عددا ، وإن أصغر نجم لهو أكبر حجما من الأرض بأكثر من مليون مرة ، وإن كل مجموعة من النجوم تؤلف مدينة عظمي ، اسمها المجرّة ، تضمّ أكثر من مائة مليون نجمة ، وإن عدد هذه المدن أكثر من مليوني مدينة تبعد الواحدة عن الأخرى مسافة رسالة لاسلكية تصل بعد ثلاثة ملايين من السنين ، أي أن