نسبة هذه المدن بمجموعها إلى الفضاء الخالي ، تماما كنسبة ذبابة تائهة في الكرة الأرضية ، وكل هذه النجوم والمجرات تسير بتوازن وانتظام» (١).
أما الأرض ، فهي «كرة معلّقة في الهواء تدور حول نفسها مرّة واحدة كل ٢٤ ساعة ، فيكون تعاقب الليل والنهار ، وتسبح حول الشمس مرة كل عام ، فيكون تعاقب الفصول الأربعة ، ويحيط بالأرض غلاف غازي يشتمل على الغازات اللازمة للحياة ، ويحفظ هذا الغلاف من الغازات درجة الحرارة المناسبة للحياة ، ويحمل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات حيث يتكاثف المطر.
ثم لو كان قطر الأرض أصغر مما هو عليه ، لعجزت عن الاحتفاظ بالتوازن ، ولصارت درجة الحرارة بالغة حدّ الموت ، ولو كان قطرها أكبر مما هو لزادت جاذبيتها للأجسام ، تؤثّر هذه الزيادة أبلغ الأثر في الحياة على سطح الأرض. ولو بعدت الأرض عن الشمس أكثر من المسافة الحالية لنقصت كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس ، ولو قربت منها أكثر مما هي الآن لزادت الحرارة ، وفي كلتا الحالتين تتعذر الحياة على الأرض.
فكروية الأرض ، والفراغ الذي يحيط بها ، ودورانها حول الشمس ، وإحاطتها بالغلاف الجوي ، ووضعها في مكانها الخاص ، وكون قطرها بهذا المقدار الخاص ، كل ذلك يهيّئ للإنسان أسباب الحياة على الأرض ، ولو فقد وصف واحد من هذه الأوصاف ، كما لو كانت الأرض مسطحة ، أو أصغر ، أو أكبر ، أو أبعد أو أقرب إلى الشمس ، أو فقد الغلاف ، لاستحال أن يكون الإنسان ابن الأرض بشهادة العلماء» (٢).
* * *
__________________
(١) التفسير الكاشف ، م : ١ ، ص : ٢٥١.
(٢) (م. ن) ، م : ١ ، ص : ٢٥١ ـ ٢٥٢.