الراغب : «أصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس. والطعام الطيب في الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز ، وبقدر ما يجوز ، ومن المكان الذي يجوز» (١).
(بِالسُّوءِ) : كل فعل قبيح يزجر عنه العقل أو الشرع ، وساء : قبح ، وأفعل التفضيل منه أسوأ ، ومؤنثه السّوأى.
(وَالْفَحْشاءِ) : ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال ، وأصل الفحش الزيادة والكثرة ، وكل ما تجاوز قدره فهو فاحش. وقيل : الفحشاء ما يجب الحدّ فيه ، والسوء : ما لا حدّ فيه.
* * *
الرزق الحلال والتحذير من اتّباع خطوات الشيطان
في هاتين الآيتين نداء ربّاني للناس ، يستشعر فيه الإنسان الرحمة في وحيه له بأن الله لا يريد أن يضيّق عليه سبل الحياة ، بل يريد أن يوسّع له آفاقها الرحبة ومواردها الخصبة ، فقد خلق له الأرض في كل ما تنتجه من رزق ، وفي ما تحتوي عليه من نعم ، وأباح له التمتع بالرزق الطيب الحلال ، والنعم الكثيرة الخالصة ، فلم يحرّم عليه شيئا من طيباتها مما يحتاجه في استمرار حياته ونموّ جسمه ، بل دعاه إلى أن يأكل منها ما يشاء ، وذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً).
ولكنه حذّره من خطوات الشيطان التي تتجه به إلى ما فيه فساد حياته ، وضرر جسمه وعقله ، بالاستمتاع بالشهوات المحرّمة ، والأكل من الخبائث المضرّة ، مما يزين له فعله ويغريه بالإقبال عليه ، بما يثيره أمامه من
__________________
(١) مفردات الراغب ، ص : ٣٢١.