العلمية والمفردات الموضوعية التي قد تختلف نتائجها وأبعادها باختلاف المراحل الزمنية أو الخصوصيات المكانية أو المؤثرات الذاتية ، أو الضغوط الاجتماعية المحيطة بالإنسان والواقع ، مما يفرض التبدل في طبيعتها بين وقت وآخر ، أو بين بيئة وأخرى ، هذا إلى جانب المستوى الثقافي الذي قد يجعل النتيجة متخلّفة من خلال ذهنية التخلف ، أو متقدمة من خلال عناصر التقدم ، الأمر الذي يفرض إعادة النظر دائما في كل الأمور الخاضعة لتلك المؤثرات ، بل قد تفرض على الإنسان ـ في بعض الحالات ـ إعادة النظر في قناعاته الفكرية أو الشعورية بين وقت وآخر عند ما تكون الأمور خاضعة للحالات الطارئة في حياته ، ليجدد نظرته فيها لاكتشاف ما يمكن أن يجد فيها من ضعف أو خطأ أو انحراف ، فكيف إذا كان الموضوع متصلا بقناعات الآخرين.
وإذا كان القرآن يركّز على المسألة في نطاق الآباء ، فليس ذلك من أجل اختصاص الظاهرة بهم ، ولكن الواقع الذي يعيشه الناس ـ غالبا ـ في الاتباع الأعمى في تقليد الماضي هو واقع اتباع الآباء والأجداد الذين يمثلون في الوجدان العائلي أو العشائري العمق الذاتي للإنسان في جذوره التاريخية ، بالدرجة التي يشعر معها بأن امتداداتهم الفكرية في حركته تمثل العنوان الكبير لوجوده ، فتكون القضية الحالة الشعورية في طبيعة الانتماء الفكري ، وقد تكون القضية في بعض نماذجها متمثلة في الآباء الحزبيين أو القوميين أو المذهبيين أو الطائفيين الذين يرتبط بهم الإنسان من خلال الحزب أو القومية أو المذهب أو الطائفة ، بحيث تكون أفكارهم عنوانا مقدّسا للدائرة التي تحركوا فيها ، حتى أن أي ضعف في مفردات هذه الأفكار قد ينعكس على ضعف عنوان الانتماء.
إنها مسألة العصبية التي لا ترى الأشياء إلا من خلال ذاتية النسب أو العنوان الذي يطبع الناس بطابعه ، لتكون القداسة للعنوان بعيدا عن المضمون في قيمته الفكرية والحضارية. وهذا ما يعطّل عملية التجديد والتغيير ويحبس