وهناك وجه آخر نحتمله في استيحاء معنى إمامة إبراهيم التي جاءت بعد النبوّة في ما تدل عليه الروايات التي تفسر الابتلاء بقضية ذبح إسماعيل ، وهو أن إمامة إبراهيم ليست محدودة بزمنه كبقية الأنبياء الآخرين ، بل هي إمامة تتعداه إلى ما بعد ذلك من المراحل الزمنية التي عاش فيها الأنبياء الآخرون ، حتى أن الشرائع المتأخرة عنه كانت مطبوعة بطابع الشريعة الإبراهيمية ، وقد نستوحي ذلك من الآية الكريمة : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ* كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات : ١٠٨ ـ ١١٠].
وخلاصة الفكرة ، أن الإمامة تعتبر الصفة المتحركة للنبي في حياته ، فكانت النبوّة والرسالة تنطلقان في اتجاه المهمة التي كلفه الله بها ، بينما كانت الإمامة تتحرك في اتجاه اعتباره قدوة وقاعدة لمن أراد الاقتداء به والانطلاق من القاعدة الإيمانية المتجسّدة ، وبذلك يظهر كيف تتأخر الإمامة عن النبوّة عند ما يعبّر النبي عن طاقاته وملكاته في خطواته العملية في الحياة ، في جهاده من أجل الرسالة ، وفي صبره أمام التحديات الداخلية والخارجية ... والله هو العالم بحقائق أحكامه وآياته ، وليس لنا إلا إثارة الاحتمال من أجل الوصول إلى حقيقة الحال ، ولو بعد حين.
* * *
من وحي الآية
أمّا ما نستوحيه من هذه الآية ، فهو قضيتان أساسيتان :