التفكير بإيمان الأجيال
٢ ـ وقد نستوحي من ذلك أن يعيش العاملون بالله الحلم الكبير في ما يحلمون به لمستقبل أولادهم ، وذلك بالتركيز على أن يكونوا مؤمنين بالله ، عاملين في سبيل إيجاد القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم والأمّة المسلمة ، فتتحول التربية ، في هذا الجو ، إلى التخطيط العملي ، الأمر الذي يجعل ارتباط الإنسان بأولاده ارتباطا رساليا يتحرك في نطاق الحركة الرسالية ، لا في موقع العاطفة الذاتية التي تحلم وتفكر لهم بالنجاح المادي في الدنيا بعيدا عن النجاح الروحي في الدنيا والآخرة ، وهذا ما نلمح مظاهره وخطواته في سلوك بعض الدعاة إلى الله الذين يفصلون بين أولادهم وبين الآخرين ، فيعملون على أن يضمنوا لأبنائهم المزيد من الأمن والبعد عن الأخطار التي يفرضها العمل على السائرين في الطريق ، ولكنهم لا يعيشون هذا الاهتمام بالآخرين من الناس وأولادهم ، فيدفعونهم إلى اقتحام الخطر في سبيل الله ويحشدون في سبيل ذلك كل ما يملكونه من أساليب الإثارة والانفعال ... إنها الازدواجية في الفكر والعاطفة والعمل ، التي تجعل للعاملين شخصيتين مختلفتين تتحرك إحداهما في النطاق الذاتي بعيدا عن الرسالة ، وتنطلق الأخرى في نطاق الآخرين لتثير كل الأجواء من خلال شعارات الرسالة ، خلافا لما توحيه الآية من وحدة الشخصية التي يحلم بها إبراهيم وإسماعيل لأولادهما بما يحلمان به للذات ولأولاد الآخرين ، لأن المسؤولية تتحرك في داخلهم من موقع واحد نحو هدف واحد.
* * *