ولكننا نلاحظ أنّ ذلك لا يدلّ على اختلاف فريق الإيتاء وفريق الإنزال في طبيعة الرسالة ، فلا مانع من أن يكون ما أوتيه إبراهيم وفريقه هو نفسه الذي أوتيه موسى وعيسى مع إنزال الوحي على هذا أو ذاك مع وحدة المضمون الرسالي في تنوّع الخصائص ، وهذا ما يريد الله تأكيده في القرآن من الإيمان بالكتاب كله وبالرسل كلهم الذين يلتقون على الخطوط العامة ، حيث يكون الإيمان بأحدهم إيمانا بالآخر.
هذا مع ملاحظة أخرى ، وهي أن فريق إبراهيم لم يعلم أنه أوحي إليه غير ما أنزل على إبراهيم ، ولا سيما الأسباط الذين ذكر أن المراد بهم يوسف وإخوته الذين لم يكونوا أنبياء ، لأن الذين تآمروا على يوسف لا يمكن أن يكونوا في مستوى النبوة ، فيكون الإيتاء لهم باعتبار أنهم من الأمّة التي يؤتى نبيّها الرسالة التي تؤمن بها. إننا لا نرى في اختلاف التعبير إلا التنوّع فيه الذي يمنح الكلام حيويّة وحركة مع اتّحاد الفكرة.
* * *
الله يكفي نبيّه والمؤمنين معه شرّ الكافرين المعاندين
(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) من الشمولية في الإيمان للأنبياء كلهم وللكتاب كله ، (فَقَدِ اهْتَدَوْا) إلى الطريق الحق الذي يؤدي بهم إلى الجنة. وربما كان التعبير بكلمة «مثل» ـ مع أن المقصود المضمون الإيماني نفسه بالمحافظة على شخصية المحاور الآخر الذي لا يريد أن يلغي ذاته بالسقوط تحت تأثير الآخر ـ للإيحاء بأن المسألة مسألة توافق في الرأي الواحد بحيث يصدر من كل واحد منهما بشكل مستقلّ ، على نهج توارد الأفكار أو الخواطر ، (وَإِنْ تَوَلَّوْا) وأعرضوا عن الإيمان وأنكروا مضمونه الحق وجحدوه ، (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) ونزاع لإثارة الجدال المعقّد الذي لا يريد أن