فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج : ٧٨].
فإننا نلاحظ تفريع شهادة الرسول عليهم وشهادتهم على الناس إنما هي على أساس اجتباء الله لهم وانضباطهم على الخط وقيامهم بالدور الموكل إليهم في العمل لأنفسهم وللآخرين ، أمّا الحديث عن التوازن في الإسلام ، فهو حقّ ، ولكن ذلك لا يعني أن الآية تسير في هذا الاتجاه في مضمونها الفكري.
وقد ذكر صاحب تفسير الميزان في معنى «الوسط» : «أن كون الأمة وسطا إنما هو بتخلّلها بين الرسول وبين الناس» (١). ولكننا قدمنا أن الوسطية هنا لا يراد بها ذلك بل يراد بها ـ في ما نفهمه ـ الموقع الأفضل الذي وضع الله فيه الأمة بالنسبة إلى الناس ، والله العالم بحقائق آياته.
* * *
شهادة الأمة كيف نفهمها
أمّا الشهادة ، فقد ذكر لها عدة معان ، منها : أن المعنى : لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا وفي الآخرة. كما قال : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) ، [الزمر : ٦٩] وقال : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر : ٥١] ، وقال ابن زيد : الأشهاد أربعة ، الملائكة والأنبياء وأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والجوارح. كما قال : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) [النور : ٢٤] الآية.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٣١٩.