(ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : ١١٧].
وهكذا نلاحظ أن القضية تتجه إلى يوم القيامة بين يدي الله ، للإيحاء بالإحاطة الكاملة بالإنسان من جميع الجهات التي يتصور حضورها لديه من خلال المعاينة أو من خلال الإيمان ، وذلك على أساس أن الشهادة في تجربة الشهداء تتحرك في الدنيا في الموقع القيادي الذي يتمثل فيه الشاهد الواقع كله في حركة الناس في الحياة ومدى التزامهم بالوحي الإلهي في خط الرسالات في دائرة السلب والإيجاب ، ليقدموها بين يدي الله في موقف الحساب ، فلا تنافي بين مفهوم الشهادة في واقع الدنيا التي يتحرك فيها الشهداء بين الناس وبين حركتها الفعلية الأدائية في موقف القيامة أمام الله.
وفي ضوء ذلك نفهم أن المعنيين الآخرين لا ينسجمان مع الأجواء العامة للآيات ، ولا سيما المعنى الثالث الذي يركّز على حاجة النبي للشهادة على الأمم بأنّه بلّغهم ، إذا أنكرت الأمم ذلك ، إذ لا معنى لحاجة النبي لذلك مع اعتباره شاهدا أساسيا تطلب شهادته بشكل أصيل ، مما يعني اعتبار شهادته قاعدة للحكم على الأمم من خلال دخولهم ضمن مسئوليته التي منحه الله الثقة في القيام بها بكل أمانة وصدق.
* * *
اعتراض وجواب
وقد أثار المفسرون اعتراضا في هذا المجال ، وخلاصته أن الشهادة تفرض الموقع المتميز للشاهد على المشهود عليه ، ونحن نعلم أن الأمة