تضم في جماعتها المطيع والعاصي والجاهل والعالم ، فكيف يمكن أن يكون الجميع شهودا في موقع الشهادة؟ والجواب أن الأسلوب القرآني قد جرى على الحديث عن البعض بصفة الكل ، باعتبار اشتمال الكل عليه ، تماما كما قد حدثنا عن بني إسرائيل ، مع أن الصفات التي ذكرها كانت صفات البعض ... وعلى هذا ، فإن كون الأمة شاهدة يتحرك في نطاق وجود العناصر الكثيرة في داخلها ممن يصلحون لمثل هذا الموقع الكبير ، وهم الطليعة الواعية المؤمنة التقيّة المنضبطة التي تفهم الإسلام حق الفهم ، وتعيه حق الوعي ، وتمارسه حق الممارسة ، وتحمله بروح رسولية رائدة. إنها النخبة الواعية الموجودة في كل زمان ومكان ، التي يقف في طليعتها الأئمة الطاهرون والعلماء الواعون والأولياء الطيبون والمجاهدون العاملون الذين يحملون هذه الشهادة إلى الله لأنهم يعيشون روح الرسالة ، ويعيشون من خلالها الوعي لكل حياة الناس ، كما هو الرسول في رسالته وفي وعيه لأمّته.
* * *
تشريع القبلة امتحان لطاعة الأمّة
ويستمر الحديث عن هذا التشريع الجديد من خلال التركيز على الطبيعة التربوية التي تحكم هذا التنوع في التشريع من موقع للقبلة في بداية الدعوة إلى موقع جديد في امتدادها الطويل .. ويتجه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتبار أنه رسول الله إلى الأمة ، المكلف بتوضيح الصورة لهم : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) وهي بيت المقدس ، (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ).
فقد أراد الله أن يختبر المسلمين ليربيهم على الطاعة المطلقة له ، التي تتمثل في التسليم لأحكامه من دون أي ريب واعتراض ، فأمرهم في البداية