بأن تحويل القبلة موجود في الكتاب ، لأنهم يعلمون أن الخط الذي تسير عليه في العقيدة وفي التشريع هو الحق من ربهم ، وذلك في ما تحدثت به التوراة التي يعرفونها جيّدا ويخفونها عن الناس ، وهم يظنون أن الله يغفل عنهم في ما يدبّرون من مكائد ، ولكن الله لا يغفل عنهم وعن أعمالهم في أيّ حال ، (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) من الخطط التخريبية العدوانية التي يخططونها في حركتهم المضادة للنبي ، من أجل أن يصدوا عن سبيل الله ويفتنوا الناس عن دينهم الحق.
فهو المطّلع على كل شيء من أمور عباده.
* * *
موقف العناد والجهود الضائعة
(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) لأنهم لا يريدون الانفتاح على رسالتك ، فقد أغلقوا كل النوافذ الروحية والفكرية التي تطل على الحق ، ولذلك فإن الجهد الذي تصرفه معهم من أجل أن تقنعهم بالحق الذي معك ، هو جهد ضائع لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة ، فالقضية ليست قضية الدلائل والبينات التي تقدمها إليهم كثرة أو قلّة ، بل هي الباب المغلق الذي يقفون خلفه ولا يريدون الخروج منه ، فلو أنك قدمت لهم كل الآيات ما اتبعوا قبلتك.
كما أنك ـ من خلال الحق الذي تؤمن به ـ لا تتبع قبلتهم. ثم إن القضية ليست قضية العناد الذي لا يلين للحق معك ، بل إن الموقف الذي يحكم علاقة بعضهم ببعض يتخذ الأسلوب نفسه ، فإن اليهود يستقبلون صخرة بيت المقدس