أينما كانوا ، أمّا النصارى فيستقبلون المشرق أينما كانوا دون أن يتنازل أحدهم للآخر ، (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ).
وتنطلق الآية أخيرا في مواجهة الموقف بأسلوب التهديد لأية حالة من حالات الاستسلام للضغوط المتنوعة التي يمكن أن يخضع لها المسلمون في مثل هذه المجالات ... وتزداد المواجهة حدّة وتأكيدا بتوجيه الخطاب إلى النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كأسلوب من أساليب القرآن في الإيحاء للأمة بخطورة القضية ، فإن القوم لا ينطلقون من موقف فكري للحق بل يتحركون من خلال أهوائهم.
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون أنفسهم فيبتعدون بها عن الحقيقة الأصيلة التي انفتحوا عليها من خلال المعرفة العميقة الواسعة ، ويظلمون العقل الذي يمثل القاعدة لوجودهم الإنساني ، الذي يركز لهم كل خطواتهم في الحياة ويضعها على الدرب المستقيم ، ويظلمون مصيرهم الذي يتحركون به إلى النار بدلا من الجنة.
فكيف يمكن لمن يملك وضوح الرؤية للموقف أن يستسلم لأهواء الآخرين؟! إن النتيجة ستكون استسلاما لنوازع الظلم للذات وللقضية وللأمة ، مما يجعل المصير في اتجاه مصير الظالمين.
* * *
أهل الكتاب يعرفون النبيّ ورسالته حقّ المعرفة
ويؤكد القرآن من جديد أن أهل الكتاب لا يعيشون حالة جهل للنبي