القواعد الفنية للأساليب ، بل تنطلق من عمق الروح التي تنطق بالكلمة وتتحرك في الأسلوب.
وربما كان للأبوّة النسبيّة للرسل من بعده ، وللأبوّة الروحية للرسالات المتأخرة التي يمتاز بها إبراهيم في شخصه ورسالته ، أكبر الأثر في ذلك ، انطلاقا من الشعور الذاتي الذي يربط كل أتباع الديانات به ، مما يجعل للإيحاء بملامح الشخصية عمقا يتصل بالمشاعر الحميمة من جهة ، وبالقداسة الإيمانية من جهة أخرى ، ولا سيّما أننا لا نجد في التفاصيل التي نقلها القرآن لنا من رسالته أيّ اختلاف مع الرسالات الأخرى ، في التفاصيل التي تختلف فيها الرسالات حسب اختلاف المراحل الزمنية التي تؤدي إلى ذلك في حدود المفهوم والتشريع ، فقد يكون ذلك سببا في تأكيد شخصيته باعتباره ملتقى للرسالات من جهة ، وللرسل من جهة أخرى ، فيمكن اعتبار رسالته حكما في مواضع الاختلاف بين أتباع الرسل ، كما يمكن أن تكون شخصيته نموذجا موحّدا في ما يتنازعون فيه من شخصيات الأنبياء.
وعلى أيّ حال ، فإننا نشعر بالحاجة الرساليّة إلى الامتداد في الأجواء الرحبة لهذا النبي العظيم ، لنستعين بذلك على صنع الشخصية الإسلامية في النماذج الرائعة من مواقفه وأساليبه وإيمانه.
* * *
اختبار الله لإبراهيم
ونلتقي في هذه الآية بإبراهيم ، في موقف الإنسان الذي يتعرض للابتلاء والاختبار ليظهر ، من خلال ذلك ، ما يملك من طاقات كبيرة تؤهله لحمل الرسالة وللقيادة ، ونلاحظ أن القرآن قد أجمل الكلمات التي كانت