كله ، مما يفرض عليكم الالتزام بالدين الذي أنزلته والرسول الذي أرسلته ، (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) في استقامة التشريع على الخط الذي تتكامل فيه قضاياكم ومواقفكم وخطواتكم في الحياة ، باعتبار أن الله يريد للناس أن يتابعوا نعمه في تشريعاته ، كما يتابعونها في أوضاعهم العامة والخاصة ، (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) بما يوفره الله لكم من وسائل الهداية في امتحانه لكم واختباره لثباتكم على الإيمان ، وذلك إذا أخذتم بأسباب الهدى في ما يشرعه الله لكم من أحكامه ويوضحه لكم من مفاهيمه.
* * *
الرسول الكريم نعمة عظيمة
ثم يعطي للمسلمين الصورة الكاملة المتجسدة للنعمة التامة الشاملة في هذا الرسول العظيم الذي جاء من أجل أن يرفع مستوى الإنسانية في ما يتلوه من آيات الله ، ويزكي ضمائر الناس وحياتهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وما لم يعلموه من حقائق الحياة في الدنيا والآخرة ... وينتهي الفصل بأمرهم لأن يذكروا الله في وجدانهم وفي ألسنتهم ، وفي وعيهم لمسؤوليتهم أمامه في الحياة ليذكرهم بنعمه وعفوه وغفرانه ، ودعاهم إلى أن يشكروا نعمته عليهم ولا يكفروا بها ويجحدوها لئلا يعاقبهم الله بإزالتها عنهم.
(كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ) فهذه هي النعمة الكبرى التي تتفرع عنها كل النعم الصغيرة في تفاصيل التشريع ، لأنه يفتح لكم الأفق الكبير الذي يطل بكم على كلّ جمالات الحقّ وروائع الإيمان ، (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا) التي توحي إليكم بكل الحقيقة الصافية ، وترتفع بكم إلى الدرجات العليا من المعرفة ، وتمهّد لكم سبل الحياة القويمة ، وتعرّفكم ما يصلح أمركم