والمراد بها هنا ، على رأي الكثيرين من المفسرين ، الملة ، وقيل : إنها الجماعة.
(الْبَيِّناتُ) : الحجج الظاهرة على حقائق العقيدة.
* * *
الرسالات ودورها في الاختلافات
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) كان الناس أمة واحدة في ما يحملون من فكر ، فلم تكن لهم أفكار متعددة في شؤون الكون والحياة ليختلفوا فيها ، ولم تكن لديهم اهتمامات في نظام الحياة وقانونها ليتنازعوا فيها ، بل كانوا يعيشون مشاكلهم الخاصة في حاجاتهم في الحياة اليومية ؛ فيتنازعون في ما يأخذه بعضهم أو يدعه ، أو ما تتصرف به جماعة لا توافقها عليه الجماعة الأخرى ، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع الاختلافات بينهم ، ويوجب انتشار الظلم عندهم ، وابتعاد الواقع عن خط العدل .. فكانت الرسالات الإلهية التي اتخذت أسلوب التبشير والإنذار ، السبيل الوحيد لحل هذه المشاكل والاختلافات ، من أجل تركيز الحياة في قضاياها اليومية على قاعدة ثابتة من العدل الإلهي ، ليشعر الإنسان بقداسة الحلول وواقعيتها ، فيستسلم لها في خضوع واقتناع.
ولكنّ بعض الناس الذين أوتوا الكتاب بالحق لم يستريحوا إلى ذلك ، لأنهم كانوا يعيشون على حساب تلك الخلافات ، فنقلوها إلى الكتاب نفسه بما أثاروه من تأويلات وتفسيرات وتطبيقات ، مما جعل القضية في حياتهم موضع خلاف فكري في أمر الكتاب ، فيأخذ جماعة بتأويل يختلف عما يأخذه الآخرون ، ويتعصب فريق لتفسير يختلف عما يتعصب له الفريق الآخر. ولم يكن اختلافهم نتيجة اختلاف في الاجتهادات ، في ما تنطلق فيه من سبل