الوسائل الطبيعية لتحقيق غاياته. وهذا ما جاءت به الأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، فقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق مما رواه الوليد بن صبيح عنه ، كما في الكافي ، قال : «صحبته بين مكة والمدينة ، فجاءه سائل فأمر أن يعطى ، ثم جاء آخر فأمر أن يعطى ، ثم جاء آخر فأمر أن يعطى ، ثم جاء الرابع فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يشبعك الله. ثم التفت إلينا فقال : أما إن عندنا ما نعطيه ولكن أخشى أن نكون أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم دعوة : رجل أعطاه الله مالا فأنفقه في غير حقه ، ثم قال : اللهم ارزقني فلا يستجاب له ، ورجل يدعو على امرأته أن يريحه منها ، وقد جعل الله عزوجل أمرها إليه ، ورجل يدعو على جاره ، وقد جعل الله له السبيل إلى أن يتحوّل عن جواره ويبيع داره» (١).
وفي رواية أخرى عنه مما رواه عنه جعفر بن إبراهيم قال : «أربعة لا تستجاب لهم دعوة : رجل جالس في بيته يقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالطلب ، ورجل كان له امرأة فدعا عليها ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك ، ورجل كان له مال فأفسده ، فيقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد ، ألم آمرك بالإصلاح. ثم قال : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) [الفرقان : ٦٧] ورجل كان له مال فأدان بغير بينة ، فيقال له : ألم آمرك بالشهادة» (٢). وجاء عن النبي صلىاللهعليهوآله قوله : «لتأمرن بالمعروف ، ولتنهنّ عن المنكر ، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم» (٣).
فإننا نلاحظ في الحديثين الأولين تأكيدا على عدم استجابة الدعاء ممن يملك الوصول إلى غايته وتحقيق مراده بالوسائل الموجودة عنده ، ولكنه
__________________
(١) الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٥١٠.
(٢) م. ن. ج : ٢ ، ص : ٥١١.
(٣) البحار ، م : ٣٢ ، ج : ٩٠ ، ص : ٤٦٥ ، باب : ٢٤ ، رواية : ٢١.